لماذا تُهاجم السنة؟ جذور الشكوك في الإسلام الحديث
الحمد لله الذي أكمل لنا الدين، وأتم علينا النعمة، وجعل القرآن والسنة مصدرَي التشريع، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
1. حقيقة الهجوم على السنة النبوية
السنة النبوية هي الوحي الثاني، المفسر والمبين للقرآن الكريم، وقد تكفل الله بحفظها كما حفظ كتابه. ومع ذلك، لم تسلم من محاولات التشكيك والطعن منذ القرون الأولى، واستمرت هذه المحاولات حتى العصر الحديث، لكنها اتخذت أشكالًا وأساليب جديدة.
2. جذور الهجوم في التاريخ الإسلامي
في العصور الأولى: ظهرت فرق كالمعتزلة وبعض أهل الأهواء الذين أنكروا بعض الأحاديث أو ردوا حجية السنة، ورد عليهم العلماء مثل الإمام الشافعي في كتابه الرسالة، وابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث.
في العصور اللاحقة: استمرت محاولات الطعن، لكن علم الإسناد وقواعد الجرح والتعديل كانت حصنًا منيعًا ضد التحريف.
3. أسباب الهجوم على السنة في العصر الحديث
بحسب ما ذكره عدد من الباحثين، يمكن تلخيص الأسباب في:
الجهل وضعف التأصيل العلمي لدى بعض المتلقين للشبهات.
تأثر بعض الأكاديميين بالمناهج الغربية النقدية دون امتلاك أدوات النقد الحديثي.
حب الظهور والشهرة بادعاء النقد العلمي.
التأثر بالثقافة الغربية الحداثية التي ترفض بعض أحكام الشريعة.
انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي سهّلت نشر الشبهات بسرعة.
اتباع الهوى للتخفف من التكاليف الشرعية.
4. أبرز الشبهات المثارة ضد السنة
الادعاء بتعارض السنة مع القرآن: يزعم البعض أن بعض الأحاديث تخالف نصوص القرآن، مع أن العلماء بيّنوا أنه لا تعارض بين الوحيين، وأن السنة شارحة للقرآن ومبينة له.
الطعن في الرواة: محاولة التشكيك في عدالة الصحابة أو أئمة الحديث.
التشكيك في علوم الحديث: الزعم بأن قواعد الجرح والتعديل غير علمية أو متأخرة.
الاعتماد على الأحاديث الضعيفة المنتشرة للطعن في السنة كلها.
5. الرد العلمي على المشككين
إثبات حجية السنة من القرآن: قال تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾ [الحشر: 7]، وقال: ﴿مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾ [النساء: 80].
إثبات حفظ السنة: علم الإسناد فريد في التاريخ البشري، حفظ النصوص بسلاسل متصلة من الرواة الثقات.
الرد على الشبهات: كتب العلماء قديمًا وحديثًا في هذا الباب، مثل الرسالة للشافعي، والشفا للقاضي عياض، وكتب المعاصرين في الدفاع عن السنة.
6. دور "تحقّق" في مواجهة الهجوم على السنة
التحقق الفوري من صحة الأحاديث المنتشرة.
ربط المستخدم بالمصادر الموثوقة من كتب الحديث.
التوعية بخطورة نشر الأحاديث دون تحقق.
المساهمة في الرد على الشبهات عبر تقديم المعلومة الصحيحة المدعومة بالمصدر.
7. الخلاصة
الهجوم على السنة النبوية قديم متجدد، لكن الله هيأ لها من يحفظها ويرد عنها، من الصحابة والتابعين، إلى علماء الحديث، وصولًا إلى الوسائل الرقمية الحديثة. والواجب على المسلم أن يتسلح بالعلم، ويتحقق قبل أن ينشر، وأن يدرك أن السنة وحي محفوظ لا ينفصل عن القرآن.